كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فمذهب ابن عباس أن اللي من الحاكم ومذهب مجاهد أنه من الشاهد وكذلك قال الضحاك هو أن يلوي لسانه عن الحق في الشهادة أو يعرض فيكتمها وأصل لوى في اللغة مطل وأنشد سيبويه:
قد كنت داينت بها حسانا ** مخافة الافلاس والليانا

وقرئ {وان تلوا أو تعرضوا} وفيه قولان أحدهما للكسائي قال والمعنى من الولاية وان تلوا شيئا أو تدعوه وقال أبو اسحاق من قرأ {وان تلوا} فالمعنى على قراءته وان تلووا ثم همز الواو الاولى فصارت تلؤوا كما قال يقال أدؤر في جمع دار ثم ألقى حركة الهمزة على اللام وحذف الهمزة فصارت تلوا كما يقال آدر في جمع دار.
224 وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله} في معنى هذا قولان أحدهما اثبتوا على الايمان كما يقال للقائم قف حتى أجئ أي أثبت قائما والقول الآخر أنه خطاب للمنافقين فالمعنى على هذا يا أيها الذين آمنوا في الظاهر أخلصوا لله.
225 وقوله جل وعز: {ان الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا} قال مجاهد يعنى به المنافقون قال ومعنى ثم {ازدادوا كفرا} ماتوا على ذلك.
وهذا القول ليس يبعد في اللغة لانهم إذا ماتوا على الكفر فقد هلكوا فهم بمنزلة من ازداد.
وقال أبو العالية {ان الذين آمنوا ثم كفروا} اليهود والنصارى {ثم ازدادوا كفرا} بذنوب عملوها وقال قتادة {الذين آمنوا ثم كفروا} اليهود والنصارى آمنت اليهود بالتوراة ثم كفرت يعني بالانجيل ثم آمنوا بعزير ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وآمنت النصارى بالانجيل ثم كفرت وكفرهم به تركهم اياه ثم ازدادوا كفرا بالقرآن وبمحمد عليه السلام.
226 وقوله جل وعز: {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما} المعنى اجعل ما يقوم مقام البشارة العذاب وأنشد سيبويه وخيل قد دلفت لها بخيل تحية بينهم ضرب وجيع أي الذي يقوم مقام التحية ضرب وجيع 227 وقوله جل وعز: {أيبتغون عندهم العزة} أيبتغي المنافقون عند الكافرين العزة أي المنعة قال الاصمعي يقال أرض عزاز بالفتح والكسر إذا كانت صلبة شديدة وقولهم يعز علي أي يشتد علي.
ومنه قوله تعالى: {وعزني في الخطاب} أي قهرني لأنه أعز مني.
ومنه قولهم: «من عز بز» أي من غلب استلب ومنه قوله (فعزته يداه وكاهله).
228 وقوله جل وعز: {قالوا ألم نستحوذ عليكم} يقال استحوذ عليه إذا استولى عليه فالمعنى قال المنافقون للكافرين ألم نغلب عليكم بموالاتنا اياكم ونمنعكم من المؤمنين أي أخبرناكم بأخبارهم لتحذروا ما يكون منهم.
229 وقوله جل وعز: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} روي عن علي رضي الله عنه أنه قال ذلك في الآخرة وقال ابن عباس ذاك يوم القيامة وقال السدي السبيل الحجة.
وقيل ان المعنى ان الله ناصر المؤمنين بالحجة والغلبة ليظهر دينهم على الدين كله.
230 وقوله جل وعز: {ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم} قال أهل اللغة سمي الثاني خداعا لأنه مجازاة للاول فسمي خداعا على الازدواج كما قال جل وعز: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} وقال الحسن إذا كان يوم القيامة أعطي المؤمنون والمنافقون نورا فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين فيشفق المؤمنون فيقولون {ربنا أتمم لنا نورنا} فيمضي المؤمنون بنورهم فينادونهم {أنظرونا نقتبس من نوركم} الآية قال الحسن فتلك خديعة الله اياهم وهذا القول ليس بخارج من قول أهل اللغة لأنه قد سماه خداعا لأنه مجازاة لهم.
231 ثم قال جل وعز: {واذ قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا} قال الحسن انما قل لأنه لغير الله وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال ما قل عمل مع تقى وكيف يقل ما يتقبل.
232 ثم قال جل وعز: {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} قال قتادة ولا يكونون مخلصين بالايمان ولا مصرحين بالكفر.
وروى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين غنمين إذا جاءت إلى هذه نطحتها وإذا جاءت إلى هذه نطحتها فلا نتبع هذه ولا هذه وأصل التذبذب في اللغة التحرك والاضطراب كما قال:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ** ترى كل ملك دونها يتذبذب

فالمعنى ان المنافقين متحيرون في دينهم لا يرجعون إلى اعتقاد شيء على صحة ليسوا مع المؤمنين على بصيرة ولا مع المشركين على جهالة فهم حيارى بين ذلك.
والنفاق مأخوذ من النافقاء وهو أحد جحور اليربوع إذا أخذت عليه المواضع خرج منه ولا يفطن إليه وكذلك المنافق يظهر الاسلام ويخرج منه سرا وفي الحديث: «للمنافق ثلاث علامات إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان».
233 وقوله جل وعز: {أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا} قال قتادة السلطان الحجة وكذلك هو عند أهل اللغة.
234 وقوله جل وعز: {ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار} قال عبد الله بن مسعود يجعلون في توابيت من حديد تغلق عليهم وفي بعض الحديث من نار ثم تطبق عليهم والادراك في اللغة المنازل والطبقات.
235 وقوله جل وعز: {ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم} وقرا زيد بن أسلم وابن أبي اسحاق {إلا من ظلم} وعلى هذه القراءة فيه ثلاثة أقوال قال الضحاك المعنى ما يفعل الله بعذابكم الا من ظلم.
وقيل المعنى لا يجهر أحد بالسوء إلا من ظلم فانه يجهر به اعتداء وقال أبو اسحاق الزجاج يجوز أن يكون المعنى الا من ظلم فقال سوءا فانه ينبغي أن تأخذوا على يديه ويكون استثناء ليس من الاول وعلى الجوابين الاولين يكون استثناء ليس من الاول أيضا ومن قرأ {الا من ظلم} ففيه أقوال أحدها روي عن مجاهد أنه قال: نزلت هذه الآية في رجل من ضاف قوما فلم يحسنوا إليه فذكرهم بما فعلوا فعذبوه بذلك فنزلت {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} فالمعنى على هذا لكن من ظلم فله أن يذكر ما فعل به قال الحسن هذا في الرجل يظلم فلا ينبغي أن يدعو على من ظلمه ولكن ليقل اللهم أعني عليه واستخرج لي حقي منه ونحو ذلك وقال قطرب الا من ظلم انما يريد المكره لأنه مظلوم وذلك موضوع عنه وان كفر قال ويجوز أن يكون المعنى الا من ظلم على البدل كأنه لا يحب الله الا من ظلم أي لا يحب الظالم وكأنه يقول يحب من ظلم أي يأجر من ظلم والتقدير على هذا القول لا يحب الله ذا الجهر بالسوء الا من ظلم على البدل.
236 وقوله جل وعز: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض} قال قتادة هم اليهود والنصارى آمنت اليهود بموسى والتوراة والانجيل وكفرت بعيسى والانجيل وآمنت النصارى بعيسى والانجيل وكفرت بمحمد والقرآن.
237 ثم قال جل وعز: {ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا} قال قتادة اتخذوا اليهودية والنصرانية وابتدعوهما روى وتركوا دين الله الاسلام الذي لم يرسل نبي الا به.
238 وقوله جل وعز: {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة} قال قتادة أي عيانا وقال أبو عبيدة هو من صفة القول والمعنى فقالوا جهرة أرنا الله والقول عند أهل النظر قول قتادة والمعنى فقالوا أرنا الله رؤية منكشفة لأن من عرف الله فقد رآه علما.
239 وقوله جل وعز: {ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم} الطور الجبل.
240 ثم قال جل وعز: {وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا} قال قتاد كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس 241 ثم قال جل وعز: {وقلنا لهم لا تعدوا في السبت} قال قتادة نهوا عن صيد الحيتان في يوم السبت ويقال عدا يعدو عدوا وعدوانا وعداء وعدوا إذا جاوز الحق ويقرأ تعدوا بمعنى تعتدوا.
242 وقوله جل وعز: {فيما نقضهم ميثاقهم} ما زايدة للتوكيد يؤدي عن معنى قولك حقا وفي معناه ثلاثة أقوال أحدها أن قتادة قال المعنى فبنقضهم ميثاقهم لعناهم فعلى قول قتادة حذف هذا لعلم السامع.
وقال الكسائي هو متعلق بما قبله والمعنى فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم عطف على ذلك إلى قوله فبما نقضهم ميثاقهم فزعم أنه فسر ظلمهم الذي أخذتهم الصاعقة من أجله بما بعده من نقضهم ميثاقهم وقتلهم الانبياء وسائر ما بين من أمورهم التي ظلموا فيها أنفسهم.
وهذا خطأ وغلط لأن الذين أخذتهم الصاعقة كانوا على عهد موسى والذين قتلوا الانبياء ورموا مريم بالبهتان كانوا بعد موسى عليه السلام بدهر طويل فليس الذين أخذتهم الصاعقة أخذتهم برميهم مريم بالبهتان وقول قتادة أولاها بالصواب قال أبو جعفر قال أبو اسحاق المعنى فبما نقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ونقضهم الميثاق أنه أخذ عليهم أن يبينوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم فنقضوا ذلك وكتموها.
243 وقوله جل وعز: {وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم} قال قتادة غلف أي لا تفهم ومعنى {بل طبع الله عليها} ختمها مجازاة على كفرهم وهو تمثيل يقال طبع السيف يطبع طبعا إذا غطاه الصدأ.
244 وقوله جل وعز: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم} قال مجاهد قتلوا رجلا توهموا أنه عيسى ورفع الله عيسى حيا وقال قتادة قال عيسى أيكم يقذف عليه شبهي فيقتل ويدخل الجنة فقال رجل منهم أنا فقتل.
وقال غيره يعذبون على أنهم قتلوا نبيا لأن تلك نياتهم.
245 ثم قال جل وعز: {وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه} لأن مقالتهم فيه مختلفة وهم في شك منه.
246 وقوله جل وعز: {وما قتلوه يقينا} المعنى عند أهل اللغة وما قتلوا العلم يقينا كما يقول قتلته علما وقتلته يقينا إذا علمته علما تاما قال أبو عبيد ولو كان المعنى وما قتلوا عيسى يقينا لقال وما قتلوه فقط.
247 وقوله جل وعز: {وان من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته} في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال أحدها أنه روى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لينزلن ابن مريم حكما عدلا فليقتلن الدجال وليقتلن الخنزير وليكسرن الصليب وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين.
ثم قال أبو هريرة واقرؤوا ان شئتم {وان من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته} قال أبو هريرة قبل موت عيسى يعيدها ثلاث مرات وقال قتادة قبل موته قبل موت عيسى.
وقال ابن عباس قبل موته قبل موت الذي من أهل الكتاب وقال بهذا القول الحسن وعكرمة وهذا القول رواه عن ابن عباس عكرمة وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن معنى قبل موته قبل موت عيسى صلى الله عليه وسلم.
ج- وقال غير هؤلاء المعنى وان من أهل الكتاب أحد الا ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل موته.
وهذه الاقوال غير متناقضة لأنه يتبين عند موته الحق فيؤمن حين لا ينفعه الايمان قال محمد بن جرير أولى هذه الاقوال بالصواب والصحة قول من قال تأويل ذلك الا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى وأن ذلك في خاص من أهل الكتاب ومعني به أهل زمان منهم دون أهل كل الازمنة التي كانت بعد عيسى وان ذلك عند نزوله ولم يجر لمحمد في الآيات التي قبل ذلك ذكر فيجوز صرف الهاء التي في ليؤمنن به إلى أنها من ذكره وانما {ليؤمنن به} في سياق ذكر عيسى وأمه واليهود.
248 وقوله جل وعز: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم} يبين هذا قوله عز وجل: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} إلى آخر الآية.